الارتداد العالمي في ظل تباين المواقف بين الولايات المتحدة واليابان

مادة اعلانية

إلهام لي تشاو
إلهام لي تشاو
نائب رئيس تحرير المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام في الشرق الأوسط.

إلهام لي تشاو

في عالم يموج بالأزمات المتراكمة، باتت كل حركة في علاقات القوى الكبرى ذات دلالة عميقة. وفي هذا السياق، شكل اللقاء بين الرئيسين الصيني والأمريكي الأخير نقطة ارتداد واضحة في مسار العلاقات الصينية الأمريكية، إذ أرسل الجانبان إشارات حول ضبط الخلافات، واستعادة قنوات التواصل، وتجنب الانزلاق إلى صدام غير محسوب. هذه الرسائل، في ظل تعدد خطوط التوتر عالميا، تمثل جرعة نادرة من اليقين. وليس غريبا أن تتعامل دول الشرق الأوسط مع هذا التطور بحساسية فائقة، فاستقرار العلاقات بين الصين والولايات المتحدة ينعكس مباشرة على أمن المنطقة وأسعار الطاقة وعلى حركة الاستثمار ورأس المال.
لكن في مقابل هذه الأجواء الإيجابية، برز شق جديد في النظام الدولي: تباين متزايد بين واشنطن وطوكيو في مقاربتهما تجاه الصين. 
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن أولويتها الراهنة ليست فتح جبهة توتر جديدة، بل تجنب الوقوع في فخ "المواجهة على جبهتين". فالحرب الممتدة في أوكرانيا وتطورات الشرق الأوسط واضطراب الملاحة في البحر الأحمر، ترهق موارد واشنطن، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الداخلية المتعلقة بالتضخم وسلاسل التوريد والانتخابات. لذلك تتجه الإدارة الأمريكية إلى خيار "المنافسة المضبوطة"، لا التصعيد الأعمى.
أما اليابان، فتسلك مسارا معاكسا. في الأشهر الماضية، كثفت طوكيو من تصريحاتها التي تربط أمنها مباشرة بتطورات مضيق تايوان، ورفعت إنفاقها العسكري إلى مستويات غير مسبوقة، وسعت في المحافل الإقليمية والدولية إلى تعزيز خطاب التحفز تجاه الصين. من وجهة نظر اليابان، فإن أي تقارب صيني أمريكي قد يضعف مكانتها الأمنية ويهمش دورها في قضايا شرق آسيا. ولهذا تعمل طوكيو على "الحفاظ على التوتر" كآلية لإبراز حضورها الإستراتيجي.
بهذا المعنى، لم ينفرط عقد التحالف الأمريكي الياباني، لكنّ إدراك التهديد لدى الطرفين بات مختلفا:
فالولايات المتحدة تبحث عن كيفية تفادي صدام جديد، بينما تسعى اليابان لإثبات أن الخطر يقترب.
وهذا التباين لا يقتصر أثره على آسيا وحدها، بل يمتد إلى الشرق الأوسط أيضا.
فبالنسبة لدول المنطقة، يمثّل استقرار العلاقات الصينية–الأمريكية شرطا أساسيا لتوسيع هامش المناورة الدبلوماسية. كما يكشف تباين المواقف بين واشنطن وطوكيو عن صعوبة الحفاظ على انسجام كامل داخل منظومة الحلفاء الغربيين، ما يعزز قناعة دول الشرق الأوسط بضرورة بناء سياسة خارجية أكثر استقلالية عن أي محور.
وفي المجال الاقتصادي، سيقود اختلاف الإيقاع بين أمريكا واليابان إلى إعادة تقييم الاستثمارات، إذ إن الاستمرار في رفع مستويات التوتّر سيزيد من الضبابية على الاقتصاد الياباني، بينما يخلق الاستقرار النسبي في العلاقات الصينية الأمريكية بيئة أكثر جاذبية للتعاون مع الصين في مجالات الطاقة والتكنولوجيا وسلاسل الإمداد.
وفي المجال الأمني، إذا اضطرت الولايات المتحدة لتركيز موارد أكبر في شرق آسيا، فمن الطبيعي أن تتجه دول المنطقة لتعزيز تعاونها مع الصين في التكنولوجيا والبنية التحتية وأمن الطاقة، لسدّ أي فراغ قد ينتج عن إعادة التموضع الأمريكي.
وعليه، فإن الارتداد العالمي لا يقتصر على العلاقات بين الدول الكبرى، بل يشكل أيضا لحظة حاسمة لدول الشرق الأوسط لإعادة تقييم موقعها داخل التحولات الجارية. وفي ظلّ التباين المتزايد بين واشنطن وطوكيو، تبدو المنطقة أمام نافذة استراتيجية نادرة، تستوجب قراءة دقيقة واستثماراً محسوبا لمسارات المرحلة المقبلة.

مقالات الكاتب

بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران العام لأكثر من عام، تم التوصل إلى مصالحة تاريخية أخرى في العاصمة الصينية هذا الأسبوع، حيث وقع ممثلو 14 فصيلا فلسطينيا »إعلان بكين بشأن إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية» في بكين، الأمر قد جلب ضوء الأمل للقضية الفلسطينية.

2024 يوليو 29

خطأ واحد صغير في تحديث أجرته شركة الأمن السيبراني كراودسترايك على برنامجها الخاص بالحماية من الهجمات الإلكترونية، أدى إلى سلسلة من الأعطال في الخدمات التي تعتمد على أنظمة تكنولوجيا المعلومات يوم الجمعة من هذا الأسبوع،  في لحظة واحدة، بدا أن النظام العالمي كله مصاب بالسكتة القلبية من مصارف وشركات اتصالات ومطارات ومستشفيات، والمثير أن ال

2024 يوليو 22

انعقدت قمة الذكرى الخامسة والسبعين لحلف شمال الأطلسي الناتو في واشنطن هذا الأسبوع، وتأتي القمة التي تستمر ثلاثة أيام في وقت يواجه فيه كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة اختبارات صعبة.

انعقد في هذا الأسبوع الاجتماع الرابع والعشرون لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون وقمة المنظمة وشركائها في عاصمة كازاخستان أستانا، مع قبول بيلاروسيا كدولة عضو بشكل رسمي بالإضافة إلى التوصل إلى سلسلة من النتائج والتوافقات بين دول الأعضاء مع طرح المبادرات لتعزيز العدالة والوئام والتنمية بشكل مشترك في العالم، الأمر يثير باهتمام بالغ حتى من قبل ال