البريكس: الصمود في عالم مضطرب

مادة اعلانية

إلهام لي تشاو
إلهام لي تشاو
نائب رئيس تحرير المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام في الشرق الأوسط.

عُقدت مؤخرا القمة السابعة عشرة لدول البريكس في ريو دي جانيرو بالبرازيل، تحت شعار "تعزيز التعاون بين دول الجنوب العالمي من أجل حوكمة أكثر شمولا واستدامة". وتأتي هذه القمة في لحظة يشهد فيها العالم تحولات غير مسبوقة، حيث تسعى دول الجنوب إلى إيصال صوتها بشكل جماعي والعمل على إحداث تغيرات في النظام العالمي القائم. وقد حظيت القمة باهتمام عالمي كبير، ليس فقط لأنها المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة الدول الأعضاء الـ11 بعد التوسعة، بل أيضا لمشاركة ولي عهد أبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، مما يعكس تمثيلا واسعا في الشرق الأوسط للمشاركة الفاعلة في إصلاح الحوكمة العالمية.

يشهد العالم حاليا اضطرابات متواصلة، حيث تتفاقم الأزمات الجيوسياسية والانقسامات الاقتصادية، وسط عجز واضح في آليات الحوكمة العالمية، فلا تزال أزمة أوكرانيا مستمرة، والحرب في غزة لم تضع أوزارها، بينما تواجه الدول النامية تضخما مرتفعا ومديونية خانقة. وفي ظل تصاعد السياسات الحمائية والانفصال التكنولوجي والهيمنة المالية، تبرز البريكس كقوة مؤسسية تسعى لتجاوز هيمنة الدول المتقدمة على صياغة قواعد النظام العالمي. وقد ركزت القمة على بناء آليات أكثر شمولا وتوازنا، واقترحت ستة محاور رئيسية تشمل الصحة والمناخ والذكاء الاصطناعي والأمن والاقتصاد الأخضر وإصلاح النظام العالمي، في محاولة لتشكيل توافق جديد.

أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ خلال القمة على ضرورة تسريع بناء آلية لتسوية المعاملات بالعملات المحلية، وتعزيز التعاون الصناعي والابتكار التكنولوجي، ودفع التحول الرقمي والأخضر قدما. هذا الموقف يعكس رؤية الصين القائمة على "تحقيق الاستقرار من خلال التنمية"، ويحظى بتأييد واسع من دول البريكس الأخرى. فالصين، باعتبارها محركا رئيسيا في هذه الآلية، تقدم نموذجا للتعاون بدلا من المواجهة، وتسعى لرد عقلاني على محاولات فك الارتباط والعزلة، مما يوفر للدول النامية مسارا نحو النمو المستدام.

أما مشاركة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، فتعكس توجها استراتيجيا جديدا لدول الشرق الأوسط نحو التنويع والانفتاح المتعدد الأطراف. إذ تسعى دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات، إلى تجاوز الاعتماد نوعا ما على الغرب من خلال تعزيز شراكاتها مع قوى صاعدة مثل الصين والهند والبرازيل، كما يقدم التقارب الإماراتي–الصيني في مجالات مثل الطاقة والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية نموذجا ناجحا للتكامل بين دول الجنوب العالمي. وفي هذا السياق، لا تمثل توسعة البريكس مجرد نمو عددي، بل فرصة تاريخية لربط حضارات ومناطق مختلفة ضمن آلية تعاون متكاملة.

ورغم ما تحققه البريكس من التقدمات، لا تزال هناك تحديات داخلية، منها تباين البنى الاقتصادية بين أعضائها وتعدد مواقفهم الجيوسياسية، فضلا عن النظرة الغربية المتوجسة التي تسعى لوسم البريكس بأنها "تحالف مناهض للغرب"، لكن الرسالة التي بعثتها قمة ريو دي جانيرو كانت واضحة: دول البريكس ليست قوى هدامة، بل بناءة. فهي لا تسعى لهدم النظام القائم، بل لإعادة تشكيله بما يخدم العدالة والإنصاف والشمول. وفي المستقبل، يمكن أن تتحول البريكس إلى ممثل حقيقي لإرادة الأغلبية العالمية، وجسر يربط بين الرؤى والنماذج المختلفة، وركيزة أساسية للاستقرار العالمي.

 

مقالات الكاتب

شارك وزير الخارجية البريطاني دافيد كاميرون في الأسبوع الماضي في برنامج إخباري على قناة سكاي نيوز البريطانية، وتحدث بشكل بليغ عن آخر التطورات للوضع في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الهجوم الإيراني على إسرائيل ردًّا على الغارات الإسرائيلية على مبنى مكتب القنصلية الإيرانية في سوريا كان عملا متهورا، فجأة سأله المذيع: ماذا ستفعل المملكة المتحدة إذا تعر

شارك وزير الخارجية البريطاني دافيد كاميرون في الأسبوع الماضي في برنامج إخباري على قناةسكاي نيوز البريطانية، وتحدث بشكل بليغ عن آخر التطورات للوضع في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنالهجوم الإيراني على إسرائيل ردا على الغارات الإسرائيلية على مبنى مكتب القنصلية الإيرانية في السوريا كان عملا متهور، فجأة سأله المذيع: ماذا ستفعل المملكة المتحدة إذا تعرض سف

"البحر الأحمر قد يصبح البحر الميت"، إن العبارة ليست مثيرة للقلق فقط، وبل وتبرز شدة خطورة للأزمة الحالية، فبعد اندلاع الحرب الجديدة في غزة، هاجمت الميليشيات الحوثية من اليمن بشكل متكرر أهدافاً في البحر الأحمر باستخدام المسيرات والصواريخ، ثم شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة جولات متعددة من الضربات الجوية ضد أهداف الحوثيين، الأمر أدى إلى تغيير

شهدت العلاقات بين السعودية وإيران تحسنا مستمرا منذ أن وافق البلدان على استعادة العلاقات الدبلوماسية من خلال وساطة الصين في العام الماضي، كما شهد المشهد السياسي الإقليمي في الشرق الأوسط تغيرات كبيرة، الأمر قد تجلى حل القضايا الساخنة ذات الخصائص الشرقية بشكل واضح في هذه الممارسة الناجحة، والذيمكن أيضا من الاعتراف بمبادرة الأمن العالمي الصينية من ق